لماذا تحدث الأشياء السيئة للأشخاص الطيبين والجيدة للأشخاص السيئين؟
عقل البشر المادي محدود جداً فمهما بلغت معرفته بكل شيء فهناك شيء أكبر منه.
لذلك قياس الأمور من هذا العقل المحدود سيكون صعباً جداً استيعابه ولكن سأحاول بقدر الإمكان التبسيط لإعطائك الخيط الذي منه تبدأ في التفكير.
لتنظر معي إلى هذا المثال وهو شخص (أ) جيد يحب فتاة ولكنها تحب شخصاً آخر (ب) وهو سيء.
فأول شيء تحصل عليه هنا هو سؤال كبير جداً:
“لماذا يحدث هذا معي يا ربي؟ لماذا وأنا أفضل منه؟”
ولأعطيك نقطة تبدأ من عندها النظر بشكل أوضح على الإجابات، “لماذا تظن أنك أفضل منه؟”
كنت أجلس مع أحد الشيوخ في يوم من الأيام وكان يحدثني عن التوبة ونصحني بأن أقضي كل يوم بعض الوقت مع نفسي من أجل شيء واحد وهي “التوبة” حيث أخبرني أن صاحب الدار أدرى بما فيه وهو يعني أن المرء على معرفة بعيوب نفسه.
بالطبع حين بدأت ذلك في أول مرة لم أحصل على شيء أعني كلنا لنا ذنوب ما الجديد في ذلك. لكن في المرات التالية بدأت بملاحظة ذنوبي ولكن بعيون أخرى حيث أن المرء يحاول أن يكون الأفضل بمعرفة أخطائه وتجنبها وهكذا وفي كل مستوى جديد يصبح شخصاً أفضل.
شخصاً يتابع نفسه ويعرف ما يدور فيها ويتحكم بها وهكذا في ارتقاء مستمر. وبعد عودتي إلى الواقع الذي نعيش فيه كرهت نفسي كثيراً لأنني كنت أرى أنني الأفضل وبعدها رأيت معنى التواضع والعديد من الصفات الأخرى التي أسمعها كثيراً كالجميع ولكنني لا أكترث بها.
أن تدخل عالمك الداخلي وتعرف عن نفسك ليس من الأمور التي يمكن مناقشتها ولكنني أردت أن أعطيك خيطاً تحاول منه معرفة نفسك لأنك إذا عرفت نفسك ستعرف الكثير من حياتك.
رجوعاً إلى موضوعنا الأساسي فالنقطة الأولى إذاً هي أن حكمك من الظاهر على نفسك وعلى الأشخاص من حولك لا يعني شيئاً ويفيد أنك تنظر إلى البشر كثيراً وليس إلى نفسك.
النقطة الثانية التي أريدك أن تراها هي نظرتك إلى الموقف الحاصل (الشيء الجيد والشيء السيئ) فكما ذكرت مسبقاً أن عقولنا محدودة وهذا يعني أن معرفة الغيب مهما وصلت إليه فإنك لا تحصده كله.
إذاً، نظرتك لا تكون كاملة للأمور من حولك ومن الغباء أن تقرر معرفة الحكمة من تلك الأمور في الحالة البدائية التي أتحدث عنها هنا. هناك أمور يجب أن تبحث عنها وتعرفها قبل أن تعرف الحكمة من تلك الأشياء التي تحدث.
في كرة السلة كيف تعرف أنك أخطأت بالاحتفاظ بالكرة أكبر من المدة اللازمة؟ يجب أولاً أن تعرف كرة السلة، القوانين الخاصة بها، طريقة اللعب والتحكيم لتتمكن من فهم الخطأ والصواب ومتى تحصل على نتيجة ومتى تفشل..
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]
من تلك الآية يعرفك الله طرفاً من حكمته وهو أن العين المجردة لا تبصر حقائق الأمور كاملة إلا إذا كانت صافية ونقية (العين الثالثة) ومن أجل بلوغ تلك المرحلة يجب أن ترضى بما قسمه الله لك.
إذا غضبت ولم ترضى سيسير كل شيء كما ينبغي لكن لن تعرف أنت. وإنما لو رضيت بما قسمه الله لك ستبدأ بالتعرف على الحكم لأنك في تلك اللحظة تتيح لنفسك المجال لذلك.
“لماذا يحدث هذا معي يا ربي؟ لماذا وأنا أفضل منه؟”
(ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) ــ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
ملخص لبعض الحقائق التي ذكرتها هنا لتسهيل التفكّر عليك:
1- عيونك المجردة لا تبصر الأمور بكامل حقائقها.
2- الله يحبك ومهما وضع لك من أمور فأنت تجهل النتيجة البعيدة.
3- الرضا يعني التسليم، والتسليم يعين على التدبر والتفكر والمعرفة.
4- الأسئلة ليست عيباً ولكن العيب هو ترك الأسئلة بدون إجابات.
5- لكل حياته وطريقه الخاص ليس من الضروري أن يكون الأمر الجيد لك يكون كذلك لغيرك والعكس.
6- من أفضل الأوقات في حياتك هي الأوقات التي تتعرف فيها على نفسك.