لماذا عصيان الوالدين يجعلك شخصاً أفضل؟

لماذا عصيان الوالدين يجعلك شخصاً أفضل؟

لعلك تستغرب من عنوان كهذا، فالجميع يخبرك بشيء آخر.

"خالد، هل تريدني أن أعصي والدي؟!!"

جاءني مؤخراً سؤال من أحدهم يخبرني بأنه واقع في مشكلة مع والديه بسبب أنه يريد دخول كلية يحبها بينما يخبره والديه بأن يدخل كلية أخرى.

هل يدخل ما يحبه ويرى نفسه مميزاً فيه؟ أم يدخل ما يريده والديه؟

لماذا يجب أن تعصي والديك؟ وكيف تجعل ذلك العصيان وسيلة لبرهم وفخرهم بك؟

الوالدين من أغلى الأولويات التي يجب أن تهتم بها في حياتك، هما أساس وجودك كما تعلم وقد تحملوا الكثير من الألم ليولد كيانك.

أنت تنتمي إليهم ويشعرون بذلك دائماً ربما حتى أكثر مما تشعر أنت.

هذا الانتماء يجعل نظرتهم إليك كشيء ثمين جداً.

هل تتذكر عندما كنت صغيراً وقررت توفير بعض المال وعدم شراء بطاطس الشيبس التي تحبها من أجل شراء لعبة ثمينة؟ هل تعلم ذلك الخوف والقلق على هذا الشيء الثمين بعد شرائه؟ شعورهم بك هو شيء من هذا القبيل ولكن بشكل مضاعف.

"لا تسهر في الخارج لساعة متأخرة"
"لا تحمل الأثقال"
"لا تبتعد كثيراً"

تلك العبارات من الأمور الطبيعية التي يخبرونك بها دائماً ربما حتى وأنت في عمر كبير.

أتعرف ما هو الأسوء من ذلك؟ الاستماع لهم في كل ما يقولونه، لأنك تظن أنك عندما تستمع إليهم تريحهم وتريح نفسك ولكنك لا تعلم أنك بذلك تظهر بصورة غير مكتملة لهم مما يزود شعور "أنهم يجب أن يعتنوا بك" وهذا الشعور ليس جيداً لك ولا لهم.

ليس جيداً لهم: لأنك تحتاج من يستمر بالاعتناء بك، لست مسؤولاً بشكل كامل لاتخاذ قرار كامل، تحتاج إلى التوجيه وهذا يجعلهم يتعبون ويخافون عليك.

ليس جيداً لك: لأنك لا تعيش بتوجيهاتك بل تحتاج توجيهات الوالدين.

لست ناضجاً، ولا تسير في طريقك بل هناك من يختار لك الطريق الذي تسير عليه.

هل فهمت ما أعني ولما أخبرك بأن عصيان الوالدين يجعلك شخصاً أفضل، مسؤولاً، قوياً أمامهم يعتمدون عليه ويثقون به؟ لأنك لديك العقل لتفكر وتتخذ القرارات الكاملة النابعة منك أنت.

تدرك ما تفعل، ناضج، ثابت وواضح أمام نفسك وأمامهم لتعرف ماذا تحتاج وماذا ترفض.

إغضاب الوالدين أو إحزانهم ليس عصياناً بل مشكلة كبيرة وهو أمر سيء لتمارسه ولا أخبرك بذلك أبداً.

ما أخبرك به هو نوع من النضوج، أن تكسر البيضة التي تعيش بداخلها.

هل تعرف صغير الطائر عندما يكسر البيضة ليخرج للعالم؟ بعض البشر يظل في تلك البيضة حتى سن متأخر، لا تريد ذلك.

يجب أن تخرج من البيضة الآن. هل ترى شيئاً يناسبك غير الذي يخبرونك به؟ هل ترى الطريق ومع هذا لا تسلكه بسبب "الماما" و"البابا"؟

فلتخرج الآن!

احرص على إسعادهم وإظهار كم أنك شخص جدير بالثقة حتى يطمئنوا ويرتاحوا وتنضج أنت.

إذا كنت خجلاً من تقبيلهم واحتضانهم لأنهم لم يفعلوا ذلك.

إذا كنت تريد تعلم شيء آخر غير الذي يخبرونك به.

إذا كنت تريد حمل الأثقال في صالة الجيم.

إذا كنت تريد السهر حتى ساعة متأخرة (للرجال فقط).

تلك هي الإشارة المناسبة وهذا هو الوقت المناسب.

كنت أقرأ كتاب Arnold: Education Of Bodybuilder لأرنولد شوارزنيجر، كان يتحدث عن قصته ليكون بطلاً عالمياً، ولفت انتباهي هذا الأمر.

عندما قرر أن يختار هذا الطريق وقف أمامه والديه حيث كانوا يخبرونه بأن الذي يفعله مجرد عبث وأنه يجب أن يركز على دراسته ومستقبله..الخ.

يريدونه أن يقتنع بأنه لن يصل لشيء. ماذا كان يفعل أرنولد؟

كان يصمت، وينظر في مكان آخر. لم يستمع إلى أحاديثهم وصراخهم.

عصاهم ومع هذا لم يسيء إليهم.

وعندما جاء وقت ظهور نتيجة تعبه وبدأ حلمه بالظهور على أرض الحقيقة وأصبح بطلاً في كمال الأجسام، كانت أمه تأخذ الكأس، تصرخ، وتركض لبيوت الجيران من شدة الفرح.

في البداية كانوا يقفون أمامه، بعدما عصاهم وأثبت قدراته جعلهم يقفون معه.

في البداية كانت تغضب عليه وتخبره بأن يتوقف، أما لاحقاً فهي فخورة به.

لو استمع أرنولد إلى والديه لما كنا نعرفه اليوم، من قرية ألمانية بسيطة إلى كل بقعة في العالم كأيقونة كمال الأجسام.

إياك أن تسيء إليهم بل أظهر أنك ناضج ولديك القوة لتأخذ القرارات.

عصيان الوالدين كلمة صعبة ولكنها وسيلة لظهور احترامهم، حبهم، وفخرهم منك.

لا تعصي بأن تعاندهم، تنهرهم، تسيء إليهم لمجرد لا شيء بل اعصهم بأن تظهر قراراتك، بأن يظهر صوتك وتحليلك للأمور.. لم تعد طفلاً لتأخذ الأوامر والكلمات وتسير دون عقلك.

لديك ما تحتاج لتتكلم ويكون صوتك مسموعاً.

اجعل الجميع يعرف أنك الأقوى، اجعل والديك بأن يؤمنوا بذلك أنك الأقوى وأنك قادر على الاعتناء بنفسك وبهم.

حتى تدوينة أخرى..

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-