*س أم حياتي..

*س أم حياتي..

أصبح الأمر في تزايد مستمر، لا يكاد ينتهي يومي دون أن أسمع تلك الجملة من أحدهم.

"*س أم حياتي"

في غضب، في يأس، في غيبوبة.. هو تعبير يعني أنني أكره حياتي وماتحويها من أمور سيئة لا تحدث إلا لي.

تجد نفسك محاطاً بالمشاكل والـ"حوارات" التي لا تنتهي أو تأتي واحدة تلو الأخرى؟ تشعر بالملل أو اليأس من أمر ما؟

خمن ماذا؟ لست وحدك. جميع البشر يحدث لهم ذلك بما فيهم أنا (سابقاً). جميع البشر مهما كنت تراهم سعداء، ناجحين، "رايقين" فهم يمرون بتلك اللحظات سواءً الآن أو سابقاً.

لا تغتر بصور وفيديوهات الأشخاص في لائحة أصدقائك أو المشاهير الذين تتابعهم وهم يضحكون أو يقومون بأمور عظيمة تجعلك تشعر أن الجميع سعداء وأنك الوحيد الذي يعيش الوقت الأسود.

رأيت؟ تلك مشكلة من مشاكل مواقع التواصل الاجتماعي تزرع بداخلك نوع من أمراض النفس، تجعل الناس يتسابقون (دون أن يدرون) أيهما أسعد من الآخر. (لذلك الموضوع العديد من الدراسات التي تثبت الـSocial Depression لكنني هنا لن أتحدث كثيراً عنه لأن مشكلة التواصل الاجتماعي هي مدخل ضاغط لمشكلة "*س أم حياتي" لكنها ليست الأساس).

هناك العديد من المشاهير الذين تراهم يضحكون ويبتسمون على السوشيال ميديا وعندما تقترب وتتابع عن كثب تجد الكم الهائل من المشاكل التي يقعون فيها ولا يظهر منها سوى الضحك والمرح على مواقع التواصل.

من هذه النقطة أريدك فقط أن تعلم أنك ليس وحدك وأن هناك العديد (النسبة الأكبر) من الناس يعيشون تلك اللحظات السيئة المتتالية. أنا فقط ذكرت المثال لأقتل أول فكرة من سلسلة الأفكار التي تجعلك تشعر بـ"*س أم حياتي".

النقطة الأولى: لست وحدك تعيش اللحظات المتتالية من الحظ السيء، ليس هناك أحد أفضل منك!


هناك أناس سعداء؟ يأتيهم الحظ الجيد فقط؟
نعم! ولم أكن لأجيبك بنعم إن لم أكن أعرف أحداً كذلك، وأعرف الكثير عن نفسي أنا. لذا نعم هناك أناس سعداء يأتيهم الحظ الجيد والجيد فقط!

ما الفرق إذاً؟ ألسنا جميعاً نمر بتلك اللحظات وقد ذكرت ذلك في بداية التدوينة أنني حتى أنا أمر بذلك؟
نعم، لكن هناك فرق بالفعل.

"كلنا لدينا مشاكل، الفرق يكمن في طريقة استقبال، حل، إنهاء تلك المشاكل" - خالد نور الدين

لا أهتم ما نوع مشاكلك، كيف ترى الحل المناسب لها. بل أهتم بالطريقة فقط.

بماذا تشعر؟ هل المشكلة أمر اعتيادي حدث ويحدث يسهل حله مهما صعب؟ هل تعرف أنك قوي ولديك القدرة على العمل على تلك المشكلة أم أن هناك شخص آخر أقوى منك سيحلها لك؟ هل تلك المشكلة تؤثر على حالتك النفسية؟

الفرق يكمن في أن هناك شخص يسمح لتلك المواقف بأن تؤثر على حالته النفسية ليحدث ما أسميه "يعطيها أكبر من حجمها". وشخص آخر لا يعيرها أي انتباه سوى حلها فقط.

الشخص الأول تدخل المشكلة لتتحول إلى فيروس فتاك يدمره من الداخل، بينما الشخص الآخر لا يُدخلها أصلاً.

كلنا لدينا مشاكل ولكن ليس كلنا يعرف التعامل معها "Problem Solving Attitude - سلوك حل المشكلة".

لا تعرف ما هو الـ"Problem Solving Attitude - سلوك حل المشكلة"؟
لا أريدك أن تعرفه حتى! أن أحافظ على مزاجي وحالتي الداخلية أفضل وأهم من المشكلة نفسها. فكر في الأمر، حل المشكلة وأنت هادئ ومزاجك مرتفع أفضل أم حلها وأنت بائس ومهتز من الداخل؟

رجوعاً إلى "الحظ السيء"

ليس هناك "حظ سيء" بالمعنى الذي يقول به أكثر الناس في وقتنا هذا، حقيقة عندما تتأمل كثيراً ستعرف أنه لا وجود لمثل ذلك الشيء "الحظ السيء" إلا في أنفسنا فقط.

أنا أؤمن جداً أن الإنسان ليس لقدرته حدود بما تحمله الكلمة من معنى. الحدود التي يراها أو يعرفها الإنسان هو ما يصنعها لنفسه لينظر من خلاله (حقيقة من يبدأ في صناعتها المجتمع الذي يعيش فيه وتكبر معه) ويعيش من خلالها.

ليس هناك حظ سيء وحظ جيد بل هناك شيء أكبر خلف كل ذلك.

"I have always believed, and I still believe, that whatever good or bad fortune may come our way we can always give it meaning and transform it into something of value.
آمنت دائماً ولازلت أؤمن، أنه مهما كان الأمر سيئاً أو جيداً نستطيع أن نعطيه معنى وتحويله إلى شيء له قيمة"
- Herman Hesse | هرمان هس

هرمان هو كاتب لكتاب من أعظم الكتب التي رأيتها وهو [Siddhartha - سدهارتا] الذي يتحدث عن كاهن في طريقه للتنوير. لا تعني عبارة هرمان أن الأمور السيئة التي تقابلك أنت من سيعطيها المعنى لأنه في حقيقة الأمر طريقة "التحويل" تلك أنت من تخلقها لتصبح حقيقة الشيء.

حتى تصل بعد كل ذلك إلى رؤية الحظ على أنه سيء، ويترجم ذلك إلى رؤية "الحظ" كله "سيئاً". تصل إلى نقطة تعمى العين عن رؤية أي أمر إيجابي فأنت لا تعرف ما هو الإيجابي مقارنة بالأمر السيء الكبييير جداً.

الحياة لا تسير في خط مستقيم لأي أحد ولا تسير للأعلى إلا إذا وصل الإنسان إلى التعرف على الحكمة من الأمور التي تحدث له كما أسميها "ميكانيكية حدوث المواقف" والمخزى منه.

العين يمكنها أن ترى الأمور على حسب ما عودتها، أما العين الثالثة فإنها ترى الحقيقة فقط.

"ماذا يعنى الصبر؟ إنه يعنى أن تنظر إلى الشوكة وترى الوردة، أن تنظر إلى الليل وترى الفجر. أما نفاد الصبر فيعنى أن تكون قصير النظر ولاتتمكن من رؤية النتيجة." -شمس الدين التبريزي

إذاً،

النقطة الثانية: طريقة تعاملك مع الأمور (الـAttitude) هي ما تعطيك الحظ السيء والحظ الجيد، بمعنى آخر ردود الأفعال تخلق الحظ السيء وتجعل المشاكل تعيش بداخلك.


ردود أفعال تخلق الحظ السيء وتجعل المشاكل تعيش بداخلك:
1- السقوط في وحل الاكتئاب والاستسلام.
2- ملامة النفس والشعور بالندم تجاه فعلك الذي قمت به.

ردود أفعال تخلق الحظ الجيد:
1- التنفس بعمق دون التفكير في شيء.
2- التركيز على ما يمكنك فعله حيال الأمور دون الميل إلى الشعور.
3- هذا الأمر مؤقت سواءً نحجحت في حله أو أخفقت (بينما خروجك منه وأنت جيد يعني أنك نجحت وحتى وإن لم يحدث ذلك داخل المشكلة)
4- الأمر الذي تعطيه الكثير من الانتباه يكبر بداخلك ويؤثر على داخلك، لا تعطي الكثير من الإنتباه للأمور السيئة.

"*س أم حياتي" تأتي أيضاً بمعنى أن حياتي مملة ومزرية.

غالباً ما أسمعها مع الأشخاص الذين:
1- يتابعون التلفاز.
2- يجلسون على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
3- يشاهدون جنس الإنترنت (المواقع الإباحية).
4- يدخنون الحشيش، المخدرات أو يشربون الكحول، المسكرات.
5- يجلسون على القهوة أكثر أيامهم.

ما الشيء المشترك في الأفعال السابقة؟ ارتفاع الدوبامين المفاجئ!
وهو الشيء الذي يقتل كل شيء حي بداخلك لتشعر باليأس، الكآبة، الاستسلام، حياتك مزرية، العجز، عدم الثقة بالنفس، الضعف، الكسل، ليس لديك أي موهبة أو شغف.

لمن لا يعرف الدوبامين، هي مادة يفرزها الدماغ مسؤولة عن إشعال النار بداخلك للقيام بأمور خطيرة فيها الكثير من المجازفات، النجاح، الاستمتاع، الطاقات الإيجابية والحياة!

(تريد تغيير حياتك لترفع الدوبامين لأعلى درجاته بالطريقة الصحيحة؟ اضغط على كتابي)
21 يوماً إليك كتاب لخالد نور الدين


أنت بحاجة إلى ذلك الدوبامين لتشعر بالحياة ولتفتح عينيك على ما لا تراه الآن!

لأنني أقسم لك أن تلك الحياة رائعة جداً!

أكره ذلك، أن يولد الإنسان ويموت دون أن يحيى أو يتذوق طعم ذلك!

" واعلم ان كل نفس ذائقة الموت.. ولكن ليس كل نفس تذوق الحياة" - مولانا جلال الدين الرومي

كيف تتوقف عن قول "*س أم حياتي"؟

بخطوات بسيطة جداً يمكنك التخلص من قول تلك الكلمة وسترى تغيراً في حظك وحياتك.
  1.  سر مع التيار وتقبل ما يحدث ولا تفكر في المستقبل.
  2.  تنفس بعمق واغلق عينيك لتبق مع نفسك، لا تفكر في شيء فذلك يصد المواقف من الدخول إليك. فكر في الأمر على نحو: أنت القوة الجبارة وقد دخلت إلى داخلك وأنت الحامي لها وبما أنك داخلها تخاف الطاقات السلبية من الاقتراب منك.
  3. ابتسم عندما تقابلك الأمور السيئة! (لن يخبرك أحد بأن ذلك أقوى سبب يجعلك في حالة مرتفعة بعيداً عن الطاقات السلبية السفلية)
  4. كن على يقين أن كل شيء يحدث لسبب جيد.
  5. أنت أقوى شخص على كوكب الأرض! تصرّف أنك كذلك!
  6. إياك أن تحرك لسانك لتقول تلك الكلمة مرة أخرى.
  7. اعط لنفسك فترات راحة كبيرة بعيداً عن الأعمال التي ترفع الدوبامين بشكل مفاجئ خاطئ (التلفاز - جنس الإنترنت - المخدرات والمسكرات)
  8. اعط لنفسك الفرصة للتعرف على شغفك، الشيء الذي تجيده عن طريق التجارب (لكل منا أشياء بداخله يريد تجربتها لكنه لا يفعل بسبب قلة الدوبامين)
  9. تأمل كثيراً وخصص وقتاً أكثر للتأمل. (15 دقيقة وقم بالزيادة)

في النهاية وقتك لن يدوم طويلاً سواءً كنت تحب حياتك أم لا. كن ذكياً واستغل تلك اللحظات الصغيرة التي تعيشها، لأنك إن قمت بذلك بالطريقة المناسبة ستنتهي حياتك وأنت راض عنها.

أنت قوي!
أنت رائع جداً!
أنت أفضل إنسان يمكنك أن تتعرف عليه!
لديك أفضل حياة يمكن لأي شخص أن يتمناها!

لديك حياة مذهلة تنتظرك في الخارج فقط أخرج نفسك من ذلك الصندوق الوهمي الذي تعيشه.

لذا، كن مهتماً بحياتك، والأهم أن تحياها..

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-