في كل عام ينقضي هناك العديد من الدروس التي يتعلمها الأشخاص، وما يهمني دائماً هنا لا شيء سوى عدم نسيان تلك الدروس.
في كل لحظة ويوم يكون هناك درساً ما، لحظات شكر، ارتطام بحائط صلب، موت واستيقاظ والعديد من الأشياء التي تحصل والبشر على نوعان هنا فمنهم من تغرقه اللحظات السيئة وترفعه اللحظات السعيدة، منهم من لا يكترث أنا آكل وأشرب إذاً أنا جيد، ومنهم من ترفعه اللحظات التعيسة والسعيدة معاً وليست اللحظات محل للنظر إلا أن تنقضي دون حدوث شيء ما.
في البداية أحمد الله وأشكره على وجوده قبل حمده على أي شيء، فهو الباقي والأشياء فانية فمن تعلق به لم يفنى ومن تعلق بغيره يفنى وينتهي.
لحظات حياتي في كل عام تعملني وتقوم ببنائي وبناء عقلي لأصبح شخصاً أفضل وبالطبع ينطبق ذلك على الجميع. لذلك سأقوم بسرد بعض الدروس التي تعلمتها في ذلك الوقت الصغير جداً والذي انقضى سريعاً لدرجة أنني لم أتعود كتابة الرقم ٢٠١٧ بعد..
١- الطريقة التي أحصل على الراحة منها ليست كما كنت أعتقد
تعلم أنه من حين لآخر تحتاج لذلك الوقت الذي تعطي فيه بعض المساحات الواسعة لكي تحصل على قسط من الراحة ولذلك كنت أقوم بالسفر الداخلي للشواطئ والأماكن الهادئة والصاخبة أيضاً لإنشاء ذلك المناخ المناسب للراحة والسعادة معاً.
إلى أنني في تلك السنة تعلمت درساً هاماً جداً حيث قمت بالتأمل والذكر حتى وصل بي الحال إلى الشعور براحة قلت بعدها :" لم أرتح من قبل أبداً"
أحتاج إلى تغيير الأماكن للحصول على نفسية جيدة، لكن يمكنك القول حتى بعد حدوث ذلك التغيير لا أشعر بمعنى "الراحة الحقيقية والسلام الداخلي" حتى أقوم بالتأمل والذكر أو قيام الليل.
٢- لا يمكنك أن تعمل طوال الوقت
لطالما كنت أعمل وأعمل لأصل إلى نتائج تبدو في نظري قوية. لا أحب إلا النتائج والتغيرات القوية لذلك لم ألتفت كثيراً إلى النظر في اللحظة التي أعيش فيها الآن.
لكن تلك الحياة جميلة خاصة حينما تكون مستيقظاً. ولذلك التواجد في جميع لحظاتك دون الشعور بالضيق أو التفكير في شيء آخر أهم من العمل.
من الجيد أن تقوم بفصل التفكير عن كل شيء آخر أثناء وجبة العشاء مع من تحب أو الغداء على شاطئ البحر.
ذلك الشيء قلت به من قبل لكن لم أستطع يوماً أن أطبقه بشكل كامل حتى بدأت أستطيع ذلك حالياً. كل شيء تتعلمه يكون على هيئة مراحل في كل مرة تنجح فيه تنتقل لمرحلة أخرى لتعيش مستوى آخر من ذلك الشيء.
٣- المحبة خاصة لكل شيء حولك
المحبة شعور يمتلك كل شيء فيه فلا يمكنك أن تحب فلان وتكره الآخر. قد يكون كلامي صعباً بعض الشيء على البعض منكم، لكنني اكتشفت أن الكراهية لا تعطيني شيئاً أريده. فقط أخذت منها الحزن، التعب، والضيق وليس شيئاً آخر.
لا أريد أن أشعر بالضيق والتعب بل أريد المزيد من الأشياء الجيدة، أريد تهذيب نفسي وأن أكون أفضل من الأمس، أريد تحقيق العديد من الأشياء التي تخصني، معرفة أيضاً الكثير عن نفسي. وتلك الأشياء التي ذكرتها تحتاج إلى وقت كبير لأصل إليها.
لذلك مسامحة الجميع يخلصك من كل كراهية دفنتها بداخلك ويجعلك تتخلص من همّ كنت تحمله طوال تلك الفترة دون أن تشعر.
٤- كيف يعاملنا هذا الرب الكريم؟
هناك الكثير من التفاصيل الدقيقة في حياتنا تمر دون أن نشعر بحلاوتها أو أنها حدثت بالفعل. أفكر فقط في السلبيات كثيراً إلى أنني حين عرفت القليل عن ذلك الرب العظيم بكيت حقيقة ولم أكن أعلم أنني في يوم من الأيام قد أبكي.
الحياة مليئة بالمشاغل ومع ذلك كان الله معي، نسيته كثيراً ولم ينساني أبداً. فعلت الكثير من الأخطاء ومع ذلك سامحني بل هو من جعلني أسامح نفسي!!
هو الله الذي ليس كمثله شيء، ولتعلم كم أن الله ليس كمثله شيء فتعاملك مع البشر كثيراً ينسيك من هو الله ومثالاً على ذلك حين تخطئ في حق أحدهم تنتظر منه الغضب عليك أو أن يبتعد عنك أو مهما كان ما سيحدث فإن الله يحبك ولا يتركك لتنازع كل شيء وحدك، بل في أقرب شدة تراه معك!
٥- ابدأ مشاريعك وحدك
خاصة في البداية المشاريع الأولى لا تجعل لك شركاء حتى لا يصيبك العديد من المشاعر والمواقف السلبية التي تجعلك تخسر أصدقاءك أو معارفك.
كن ذكياً حتى عند اختيارك شركاءك في العمل الجاد فليس كل الأشخاص حولك سينظرون إلى ما تنظر إليه أنت، ليس كل من حولك يمتلك الطاقات لكسر حاجز المستحيل أو اليأس ولذلك قد يضعفونك داخلياً دون أن تشعر.
أفضل دائماً أن أقوم بكل شيء يخصني وحدي إلا إذا وجدت ذلك الذئب الذي يسير معي وسط ما سيواجهنا من مشاكل، مواقف ومشاعر سلبية.
هناك من يخبرني دائماً في بداية كل مشروع جديد "إنها مجازفة كبيرة" ودائماً أنتظر الجملة التي ستليها مباشرة لأنني أعلم كم أن تلك المجازفة كبيرة فإذا كانت "لا أعرف" أو "أنا خائف" وما إلى ذلك من جمل توحي بعدم التأكد أو الضعف أحذف ذلك الشخص من اللائحة الخاصة بالمشاريع.
لأنه بالفعل كل شيء جديد أحب القيام به يكون مجازفة كبيرة وأحب ذلك كثيراً.
٦- لكل أسلوبه الخاص في عيش حياته
مختلفون قليلاً في طريقة العيش أو أسلوب الحياة بشكل عام، لذلك يجب تقبل الأشخاص من حولنا واحترام الجميع لأننا لسنا الأفضل بل نحن الأسوأ إذا تتبعنا عيوب الآخرين ولم نتقبلهم.
فالشخص الحكيم هو من يحتوي الجميع ويقوم بإنشاء الطرق لهم ليخرجهم من الأسوأ إلى الأفضل. ذلك يعني المحبة، الاحترام، التقدير، وتوسع الإدراك والوعي وذلك ما يجعل الحكيم دائماً هادئاً ،سعيداً وله مكانه الخاص بين الجميع.
"رحم الله امرئ عرف قدر نفسه" ــ عمر بن عبد العزيز - رحمه الله
٧- المشاركة من الأمور الجيدة
أن يكون لديك الأصدقاء الذين تشارك معهم أوقات مرحك وأوقات شدتك من الأشياء التي تجعلك سعيداً. نحتاج لتلك اللحظات للتواجد بين المجتمع والمشاركة من أجل أن نساعد الآخرين ونقف معهم في الأوقات التي يحتاجون فيها إلى شخص عظيم يقف معهم ويصد عنهم.
المجتمع من حولك يحتاج إليك في العديد من الأشياء. لكن هناك نقطة صغيرة أحبها أيضاً في موضوع الاختلاط بالمجتمع وهو أنك لا تحتاج إلى أحد بل الجميع يحتاجك، لا تأخذ كثيراً بل إعط كثيراً ولا تنتظر المقابل. إعط لوجه الله من أجل أن يكون الشخص الذي يحتاجك سعيداً وانسَ ما أعطيت.
لا تنتظر الكثير من الناس ستتعب وسيخيب أملك كثيراً ولا وقت تضيعه في تلك الغرفة التي يمتلئ فيها هؤلاء الأشخاص المرضى الذين نظروا للناس كثيراً حتى قرروا الرحيل والنحيب.
٨- قانون الجذب من أعظم النعم
لا أكترث كثيراً بالتسميات بل بمعنى تلك التسميات لذلك يمكنك استخدام الاسم المناسب لك. قانون الجذب هو أن تريد شيئاً ما وتحصل عليه. وليعمل قانون الجذب ينبغي توافر بعض الشروط:
١- أن يكون الشخص مؤمناً ويعرف ما يعني أن تكون مؤمناً.
٢- أن يكون الشخص قوياً ويتخذ الخطوات القادمة بجدية.
إذا توافر الشرطان يمكنك البدء مع قانون الجذب واستخدامه من أجل المزيد كما استخدمته ومازلت أستخدمه.
٩- النجاح الذي تحصل عليه لا يكون حلو المذاق إلا إذا فعلته أنت
تخيل معي ذلك الأمر أنه خرج لك مارد يخدمك في ٣ أمنيات أو حتى ١٠ أمنيات وأخبرته أنك تريد أن يكون معك مبلغ معين من المال وقصراً في مكان ما وملابس وكل شيء تشتهيه نفسك، ماذا بعد؟
يفقد كل شيء لذته لأنك حصلت عليه بمساعدة أحدهم، لم تحقق شيء (صفر كبير!) لم تكن لديك مغامرة أو مجازفة لتصل إلى نتيجة اشتقت لها.
إن الشخص الذي يقفز من الطائرة بالمنطاد لا يشعر بلذة الأمر إلا وهو في الهواء أثناء التحليق، ما الفائدة من اختصار ذلك كله وهبوطه دون وجود رحلة الطيران؟
في بداية الأمر يكون هناك خوف كبير ومجازفة كبيرة، مجازفة بكل شيء مجازفة بحياتك ولكن ما إن تقفز تصل لذروة الخوف والهلع بعدها يتحول ذلك إلى أجمل شعور يمكنك أن تشعر به في الكون،
أنت تحلق!
١٠- أعظم الإجابات التي تحصل عليها ليست من البشر
هناك العديد من الأسئلة التي تجول في خاطري أسئلة كبيرة وصغيرة تخص الحياة وتخص مجالات الحياة، بحثت عن إجابات لها بين البشر والجميل في ذلك أن البشر مختلفون فكل يرى الأمور بمنظوره الخاص وذلك الاختلاف ليس مشكلة بل المشكلة تكمن في عدم تقب أو احترام المنظور الخاص بالآخرين.
وباختلافهم وكثرة الإجابات التي أحصل عليها لم أجد ما أبحث عنه. فمعظم الإجابات العظيمة التي أراها "إجابات" لأسئلتي تخرج مني! لست عظيماً بل أقل البشر أنا، لأنني أعلم عني كثيراً وصاحب الدار أدرى بما فيه ولكن تقبع الإجابات بداخلي دائماً وأنسى ذلك وأقوم بالبحث من جديد بين البشر وأصل إلى نفس النتيجة دائماً.
أنني أمتلك الإجابات بداخلي فقط إن أردت الإجابة!
وهذا يعني استغراقي في تأملات وإتاحة الفرصة إلى داخلي بالتكلم لأجد ما لم أتوقع إيجاده أبداً. كذلك الأمر بالنسبة لك صديقي/صديقتي ستجد كل شيء بداخلك توقف عن البحث خارجاً.
١١- الخوف من المستقبل يفسد الحياة الآن
يخاف الجميع من المستقبل في أي مرحلة من حياتهم يمكنني أن أخبرك بالأمثلة التي لا حصر لها. أخبروني بأن المرحلة الثانوية من أصعب المراحل التي تحدد الشيء الذي ستصبح عليه، وبعدها الجامعة ستحدد ما ستصبح عليه، وبعدها وجدت أن مرحلة ما بعد الجامعة من أكثر المراحل رعباً حيث أنك في مرحلة الدراسة تسير على نظام محفوظ يعاد لك كل يوم أما بعد الجامعة فما الذي سيحصل؟
أخطأت كثيراً حين رأيت الأمور هكذا كما يبديها لنا الجميع لكن لا لوم عليهم فذلك ما حصل لهم وما سيحصل بعدهم، تشابه سيء ونظام مقرف يتكرر باستمرار.
لا تستمتع وأنت تفكر بأنك تخاف من شيء ما، ستظل أسيراً في ذلك الخوف حتى ينتهي وتبدأ في خوف جديد. يجب أن لا تسير الأمور هكذا بل يجب أن تستمتع وتعش كل نفس وكل مرحلة من حياتك بكامل طاقتك موفراً نوعاً من التوازن بين كل شيء.
أما الانغماس في شيء تكرهه لأن الجميع أخبرك بذلك أمر سيء. لم تخلق لذلك، بل هناك الكثير والكثير جداً من الأمور التي ينبغي أن تعرفها وتتعلمها لن تجدها في تلك الأنظمة المكررة. استخدم عقلك واختر طريقك وتخلص من الخوف من أي شيء قادم.
كل شيء يمكنك تخطيه، كل شيء سينقضي وستجد أنك من تصنع تلك الوحوش الكبيرة المخيفة بينما صانع الشيء يكون أقوى منه!
١٢- احترام النفس ومسامحتها واجب
تحدثت كثيراً أن النفس تجعلك تقوم بالأشياء التي لا تريدها ولكنك تفعلها لأجل نفسك وأنك بذلك لا تكون مسيطراً بل نفسك تسيطر عليك وأنك ينبغي أن تهذب نفسك وتسيطر عليها.
احترام النفس يكون بالاستماع إليها وتلبية حاجتها!!
"كيف، ودائماً كنت تقول بعكس ذلك؟"
قد يظهر كلامي متناقضاً هنا، لكنني أعني الاثنين! كيف تقوم بتربية طفلك الصغير؟
في مرحلة من مراحل تربية الطفل لتخبره بأن ليس كل شيء يريده يحصل عليه إلا بتضحيات أو بمقابل كبير، تمنع عنه ما يريد حتى ينهي عملاً ما أو واجباً. كذلك تفعل مع النفس، أنت لا تكره نفسك بل تقوم بتهذيبها لتنصاع لك ولتعرف أنك هنا من يقول ما الذي سيحصل.
كان يتابع أخي الصغير مسلسل أنمي وفي إحدى المرات أخبرني بأنني يجب أن أرى تلك اللحظة وسبحان الله لم أعرف لماذا تلك اللحظة بالذات أرادني أن أراها ربما لأن البطل كان يتأمل وهو يعرف أنني أتأمل فالكون يسير بشكل متناسق جداً.
كانت القصة أن البطل يعلم بوجود قوة كبيرة بداخله لكنه لن يستطيع استخدامها حتى يتعلم كيف يسيطر عليها. فقام بالتأمل وقابل تلك القوة الكبيرة بداخله حتى وجدها نفسه وتحدث معها فأخبرته بأن يكره الجميع لأنهم خذلوه دائماً وبدأت معركة كبيرة بينه وبين نفسه لأنه لا يريد الكراهية وهي تريد ذلك حتى جاءت لتضربه فأمسكها واحتضنها وقام بشكرها لأنها كانت معه دائماً وتعلم منها درساً كبيراً وبعد أن فعل ذلك قامت النفس الشريرة السوداء بتغيير لونها للأبيض والاتحاد مع البطل..
لم أكترث بقصة المسلسل ولكن ما رأيته علمني كيف أحتاج إلى مسامحة نفسي دائماً وإتاحة الفرصة لها لأنها معي دائماً، لكن لا تنسى بأن تهذيب النفس يأخذ الكثير من الوقت وليس هناك تناقض بين التهذيب والمسامحة.
طفلك الصغير الذي تقوم بتربيته وتهذيبه أنت تحترمه وتعلمه الاحترام بذلك التهذيب، فأنت تعلمه كيف يصبح رجلاً أو امرأة وكيف يكون محترماً ومحبوباً بين الجميع وكذلك تفعل مع النفس.
الدروس لا تنتهي، لكن كما قلت سابقاً فالأهم من ذلك كله تذكر تلك الدروس والتطبيق. ما الفائدة من دروس تعلمتها وتركتها وراء ظهرك للنسيان؟ لا شيء.
تذكر دروسك وحاول كتابتهم دائماً في مذكرتك اليومية لتتذكرهم وتطبقهم باستمرار.
كل عام وأنت بخير وأتمنى لك عام جديد مليء بالمغامرات والنجاحات المستمرة..